الصويرة... من غياب الدولة إلى العمل الجماعي
12-05-2023 11:08 AM GMT+03:00
كتب وسبم أحمد جانبين:
من قلب الريف اللبناني، تطل علينا بلدة الصويرة البقاعية، بنموذج جديد لم نعتد عليه سابقاً. هذه البلدة الصغيرة التي تعاني من غياب الدولة الرسمي منذ ثلاث سنوات بعد إسقاط بلديتها باستقالة أغلب الأعضاء وتسليمها لقائمقام البقاع الغربي الذي انحصر دوره بتسيير شؤون إدارية ورواتب الموظفين، انتقلت بهمة أهلها وأبنائها مقيمين ومغتربين إلى مرحلة جديدة من الوعي الإجتماعي لتتميز بعمل الشباب الجماعي والمبادرات الفردية لتحسين وضع البلدة.
في الواقع، إن انعدام وجود مقومات الدولة والإنهيار الإقتصادي الحاصل وغياب وجود سلطة محلية ممثلة بالبلدية كانت لها آثار سلبية وتحديات كبيرة للبلدة، ولكن على الرغم من ذلك، تمكن الشباب من تحويل هذه التحديات إلى فرص، وتنظيم أنشطة هامة وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجه البلدة.
منذ أسبوع وعلى سبيل المثال، ألمت بالبلدة فاجعة موت أحد شبابها نتيجة حادث سير سببه الرئيسي انعدام الإضاءة على الشارع العام ما استدعى تحرّك أحد أبناء البلدة لإنارة الطريق العام بالطاقة الشمسية على حسابه الخاص حرصاً منه وشعوراً بالمسؤولية تجاه أبناء بلدته لتفادي تكرار الحادثة.
وتمثل عمل الشباب الجماعي في تحسين البنية التحتية للبلدة تحولًا إيجابيا. فقامت مجموعة من الشباب بتزفيت وترقيع الجور في الطريق العام بعد قيامهم بمبادرة لجمع التبرعات وشراء كميون زفت لتحسين وضع الطرقات المهترئ والذي ساهمت جوراً كثيرة فيه بحوادث سير وأضرار جانبية للسيارات المارة.
وقامت مجموعة أخرى بتنظيم أنفسهم والتنسيق مع القائمقام وتسلم إدارة وتوزيع المياه في البلدة ما أوصل المياه لنسبة ٩٠% من الوحدات السكنية خلال شهر واحد والعمل جاري لاستكمال نسبة ال١٠٠%.
كما ساهمت مجموعة أخرى وعبر خلقهم لمجموعة عبر الواتس اب بالتواصل فيما بينهم وجمع ما يزيد عن الألف دولار لشراء دواليب جديدة لآلية جمع النفايات.
وعلاوة على ذلك، قامت مجموعة من الشباب بالتواصل مع القائمقام ومصلحة مياه شمسين وتشكيل لجنة لمتابعة عمل إحدى الجمعيات الدولية التي تعمل على تنفيذ مشروع لتركيب لوحات طاقة شمسية لبئر البلدة الذي يضخ المياه على قسم منها، والذي يساعد في توفير الطاقة وتقليل التلوث.
بطريقة عامة، يعمل الشباب في الصويرة على تحقيق نهج خلاق ومسؤول لإيجاد حلول لمشاكل البلدة، ويعتبرون أنفسهم شريكًا أساسيًا في تطوير مجتمعهم المحلي. وعلى الرغم من غياب الدولة، إلا أن العمل الشبابي الجماعي في الصويرة ظهر كنموذج إيجابي للشراكة المجتمعية والتنمية المحلية. وعليه، تكون الصويرة قدمت نموذجاً لباقي البلدات والقرى وهو النموذج الذي يؤكد على دور المواطن والمجتمع المدني الفعّال والضروري في بناء المؤسسات والأوطان